الرضاعة الطبيعية: غذاء الحب والصحة للأم والطفل

الرضاعة الطبيعية..جسر يربط بين جسد الأم وروح الطفل

الرضاعة الطبيعية هي أعمق صورة للأمومة، حيث يتحدث الجسد عن الحب بلغة الطبيعة. هي ليست مجرد وسيلة لإطعام الطفل.. إنها لحظة فريدة تجمع بين الحب والرعاية في أبسط صورة. عندما تحملين طفلك وتشعرين بنض قلبه بالقرب منك، تدركين أن هذه اللحظات هي أسمى مشاعر الأمومة. هي الأساس لاتصال عاطفي قوي و صحة مثالية تدوم مدى الحياة إنها هدية طبيعية مليئة بفوائد لا مثيل لها، مما يمنح طفلك بداية قوية في الحياة ويمنحك شعوراً بالرضا لا يوصف. في هذه المقالة، سنعمل معاً لمعرفة لماذا تعتبر الرضاعة الطبيعية خياراً جيداً لك ولطفلك. 👶🏻

أ. تعزيز جهاز المناعة لدى الطفل

 من السمات المميزة للرضاعة الطبيعية أنها توفر أجساماً مضادة للطفل تحميه من الأمراض، مثل التهابات الأذن، وأمراض الجهاز التنفسي، والإسهال. يعد اللبأ (الحليب الأول) غنياً بالعديد من الأجسام المضادة والبروتينات التي تبني جهاز المناعة لدى الطفل خلال الأيام القليلة الأولى.

ب. تحسين نمو الدماغ وتطوير المهارات العقلية

يحتوي حليب الأم على أحماض أوميجا 3 الدهنية الأساسية مثل DHA. التي تلعب دوراً مهماً في نمو الدماغ. يميل الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية إلى إظهار أداء أكاديمي أفضل وقدرات معرفية أفضل.

طفل رضيع. الرضاعة الطبيعية
طفل رضيع

ج. تقليل خطر الحساسية والربو

تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية أقل عرضة للإصابة بالحساسية، وذلك لأن الحليب يحتوي على مواد تقلل من التهابات الجسم المسببة لمرض الربو والحساسية.

د. الوقاية من الأمراض المزمنة كالسمنة والسكري

توفر الرضاعة الطبيعية توازناً غذائياً مثالياً يقلل من خطر الإصابة بالسمنة في وقت لاحق من الحياة. كما أنه يساعد الجسم على الاستجابة للأنسولين، مما يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري.

  • تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض

تعمل الرضاعة الطبيعية على تقليل مستويات الهرمونات المرتبطة بسرطان الثدي والمبيض، مما يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بهذه الأمراض.

  • تعزيز الترابط النفسي والعاطفي مع الطفل

تُعزز الرضاعة الطبيعية التواصل الجسدي والعاطفي بين الأم وطفلها، حيث تُساعد على تهدئة الطفل وتعزيز شعور الأمان لديه.

أم تلاعب طفلها
أم تلاعب طفلها

تساعد الرضاعة الطبيعية الأم على فقدان الوزن بشكل طبيعي بعد الولادة. عندما تقوم الأم بإرضاع طفلها، يحرق الجسم سعرات حرارية إضافية لإنتاج الحليب، والتي تقدر بحوالي 300-500 سعرة حرارية في اليوم. ويساعد هذا النشاط على تسريع عملية حرق الدهون التي اكتسبتها الأم خلال فترة الحمل. ومع ذلك، يعتمد فقدان الوزن على عوامل أخرى مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة. كما أنه من المهم أن تتبع الأم نظاماً غذائياً متوازناً للحفاظ على صحة جسمها وقدرته على إنتاج الحليب الكافي لطفلها.

أم رشيقة وطفلها. رضاعة طبيعية
أم رشيقة وطفلها

يمكن أن تقلل الرضاعة الطبيعية من فرص حدوث الحمل في الأشهر الأولى بعد الولادة، إذا تمت بشكل صحيح وفي ظل ظروف محددة. تسمى هذه الطريقة “طريقة انقطاع الطمث الإرضاعي”. حيث تؤدي الرضاعة الطبيعية المكثفة والمتكررة (كل 2-3 ساعات ليلاً ونهاراً) إلى تثبيط الإباضة عن طريق تقليل إفراز الهرمون المسؤول عن عملية الإباضة (LH). ومع ذلك، فإن هذه الطريقة ليست فعالة تماماً كوسيلة لمنع الحمل، حيث تقل فعاليتها بمرور الوقت أو عند إدخال أطعمة أخرى إلى الرضيع. لذلك، يوصى باستخدام طرق بديلة لمنع الحمل إذا كانت الأم ترغب فعلاً في تأجيل الحمل.

لضمان تجربة ناجحة و مميزة يمكن اتباع بعض النصائح التي تعزز عملية الإرضاع الطبيعي مثل:

  • التغذية الصحية للأم المرضعة

 يلعب النظام الغذائي المتوازن دوراً مهماً في دعم صحة الأم وزيادة إنتاج الحليب. وينصح بتناول الأطعمة الغنية بالبروتين، مثل اللحوم والبقوليات، والكالسيوم الموجود في الحليب ومشتقاته، بالإضافة إلى الفواكه والخضروات للحصول على الفيتامينات والمعادن. يجب عليك أيضاً تجنب تناول كميات كبيرة من الكافيين وبعض الأطعمة التي يمكن أن تسبب الغازات أو الحساسية لدى الطفل.

  • دور السوائل في تحسين إنتاج الحليب

يعزز شرب الماء بوفرة من إنتاج الحليب عند الأم. حيث ينصح بشرب ما لا يقل عن 8-10 أكواب من الماء يومياً، بالإضافة إلى المشروبات الطبيعية مثل الشوربات والعصائر الطازجة. كما يفضل تجنب المشروبات المحلاة والمشروبات الغازية لتحسين صحة الأم والطفل.

  • وضعية الرضاعة الطبيعية الصحيحة للأم والطفل

وضع الثدي المناسب للأم ووضعية الثدي الجيدة للطفل توفر الراحة للأم والتغذية الفعالة للطفل. من الأفضل أن تجلس الأم في وضعية مريحة مع دعم ظهرها وذراعيها، بينما يكون الطفل مواجهاً لجسدها، بحيث تكون الحلمة والهالة بالكامل داخل فمه. يساعد ذلك على تقليل آلام الثدي ومنع تشققه، بالإضافة إلى تحسين قدرة الطفل على الرضاعة بشكل فعال.

أم وطفلها الرضيع. الرضاعة الطبيعية
أم وطفلها الرضيع

 سيساعد اتباع هذه النصائح على تعزيز الرضاعة الطبيعية، مما يخلق تجربة أكثر صحة وراحة للأم والطفل.

خلال الشهر الأول، تكون معدة الطفل صغيرة جداً ويحتاج إلى الرضاعة بشكل متكرر. تستمر كل رضعة من 20 إلى 30 دقيقة. كما يوصى بأن يرضع الطفل من كلا الثديين، مما يضمن حصوله على اللبن الأول (الغني بالأجسام المضادة) واللبن الأخير (الغني بنسبة عالية من الدهون والمواد المغذية). قد يحتاج الطفل إلى الرضاعة كل ساعتين إلى ثلاث ساعات، ومن الجيد مراقبة علامات الجوع، مثل مص الإبهام أو تحريك الفم.

أما في الشهر الثاني مع نمو الطفل وزيادة حجم معدته، تتحسن قدرته على الرضاعة، فتقل المدة إلى ما يقرب من 15-20 دقيقة لكل رضعة. عندها يصبح نمط الرضاعة أكثر انتظاماً، ويمكن أن يصل الوقت بين الجلسات إلى ثلاث أو أربع ساعات.

كم شهر تستمر الرضاعة الطبيعية؟

توصي منظمة الصحة العالمية بالرضاعة الطبيعية الحصرية (بدون طعام أو شراب) لمدة ستة أشهر. وبعد ذلك يمكن إدخال الأطعمة الصلبة تدريجياً، وتستمر الرضاعة الطبيعية حتى عمر السنتين أو أكثر. إن الاستمرار في الرضاعة الطبيعية بعد السنة الأولى يوفر للطفل فوائد غذائية ونفسية إضافية، مثل تحسين جهاز المناعة والارتباط العاطفي مع الأم. إن الالتزام بالرضاعة الطبيعية لفترات طويلة يضمن بداية قوية وصحية ويساهم في النمو الجسدي والعقلي المتوازن للطفل.

كيف أفطم طفلي من الرضاعة الطبيعية؟

يجب أن يكون الفطام تدريجياً ومرناً لتجنب أي آثار نفسية أو جسدية على الطفل. ويُنصح بتقليل كمية الرضاعة تدريجياً، حيث يمكن للأم أن تستبدل رضعة واحدة كل يوم بطعام أو حليب صناعي، مع ملاحظة استجابة الطفل. يوصى بالبدء بالجلسات النهارية لأنها أقل ارتباطاً بالسلامة النفسية للطفل مقارنة بالجلسات الليلية. ويجب توفير بيئة ممتعة ومشجعة أثناء الفطام، مثل احتضان الطفل أو التحدث معه لطمأنته. إذا رفض الطفل الطعام الجديد، تحلي بالصبر وحاولي مرة أخرى دون إجبار.

أم وطفلها الصغير
أم وطفلها الصغير

طريقة فطام الطفل من الرضاعة الطبيعية في الليل

ربما يكون الفطام الليلي هو الجزء الأصعب من عملية الفطام، لأنه يرتبط براحة الطفل ونومه. في البداية، يمكن تقليل مدة الرضاعة الليلية أو تأخيرها تدريجياً باستخدام تقنيات أخرى مثل حمل الطفل أو هزه. قد يساعد تقديم وجبة مشبعة قبل النوم، مثل العصيدة أو الزبادي، لتقليل الجوع أثناء الليل. عندما يستيقظ الطفل من الأفضل إعطاؤه الماء أو محاولة تهدئته دون اللجوء إلى الثدي. كما يساعد وجود الشريك أو أحد أفراد الأسرة على تهدئة الطفل ليلاً وتسريع عادة الفطام.

متى أفطم طفلي عن الرضاعة الطبيعية؟

يختلف وقت الفطام المثالي من طفل لآخر. توصي منظمة الصحة العالمية بالرضاعة الطبيعية الحصرية حتى عمر 6 أشهر، وإدخال الأطعمة الصلبة تدريجياً، ومواصلة الرضاعة الطبيعية حتى عمر عامين أو أكثر. من الأفضل اختيار الوقت الذي يناسب الأم والطفل، بحيث لا يتزامن مع أي تغيرات كبيرة في حياة الطفل، مثل التسنين أو التنقل من مكان إلى آخر. ويعتمد قرار الفطام أيضاً على جاهزية الطفل وإظهار علامات الاستعداد، مثل قبول الأطعمة الأخرى وانخفاض الاهتمام بالرضاعة الطبيعية.

على الرغم من الفوائد الكبيرة للرضاعة الطبيعية، قد تواجه الأمهات بعض التحديات أثناء إرضاع أطفالهن. ولكن، يمكن التغلب على هذه المشكلات باتباع استراتيجيات مناسبة ومعرفة أسبابها الأساسية.

قلة إنتاج الحليب

أسباب قلة إنتاج الحليب:

  • التغذية غير المتوازنة: عدم تناول الأم أطعمة غنية بالمغذيات قد يؤثر على كمية الحليب المنتج.
  • قلة الرضاعة أو عدم انتظامها: انخفاض عدد جلسات الرضاعة أو استخدامها لفترات قصيرة يقلل من تحفيز الغدد لإنتاج الحليب.
  • التوتر والإجهاد: الإجهاد النفسي والبدني يمكن أن يقلل من إنتاج هرمون البرولاكتين المسؤول عن إفراز الحليب.
  • مشكلات طبية: مثل قصور الغدة الدرقية أو تناول بعض الأدوية التي تؤثر سلباً على الرضاعة.

كيفية زيادة إنتاج الحليب:

  • زيادة جلسات الرضاعة: الرضاعة المتكررة تحفز إنتاج الحليب. يُنصح بالرضاعة كل 2-3 ساعات.
  • التغذية السليمة: تناول أطعمة غنية بالبروتين، الكالسيوم، وأحماض أوميغا-3، مثل المكسرات والأسماك.
  • شرب السوائل بكميات كافية: يُفضل شرب الماء، الحساء، والعصائر الطبيعية.
  • الاسترخاء: ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو التدليك لتحسين الحالة النفسية.
  • استخدام مضخات الحليب: يمكن أن تُعزز الإنتاج إذا استخدمت بين جلسات الرضاعة أو بعد كل جلسة.
أم تحتضن صغيرها. الرضاعة الطبيعية
أم تحتضن صغيرها

اسباب الام الثدي:

  • التقاط الطفل للحلمة بشكل غير صحيح: وضعية الرضاعة الخاطئة تسبب ضغطاً على الحلمة مما يؤدي إلى تشققها أو التهابها.
  • احتقان الثدي: تراكم الحليب دون إفراغه بشكل منتظم يؤدي إلى انتفاخ وألم في الثدي.
  • عدوى بكتيرية: مثل التهاب الثدي الناتج عن انسداد القنوات الحليبية.

الحلول المناسبة لآلام الثدي:

  • تصحيح وضعية الرضاعة: التأكد من أن فم الطفل يغطي الحلمة والهالة بشكل كامل.
  • إفراغ الثدي بانتظام: من خلال الرضاعة أو استخدام مضخات الحليب لتقليل الاحتقان.
  • استخدام كمادات دافئة: لتخفيف الألم وفتح القنوات المسدودة.
  • كريمات الحلمة: استخدام مرطبات طبية أو كريمات تحتوي على اللانولين لتقليل التشققات وتسريع شفاء الحلمة.
  • استشارة الطبيب: إذا استمر الألم أو ظهرت علامات العدوى مثل الحمى أو الاحمرار.

الرضاعة الطبيعية هي رمز الحب الأول الذي تمنحيه لطفلك، فتغذيه جسدياً وعاطفياً. إنها لحظات لا تُنسى من القرب والدفء، تترك أثراً دائماً في قلب الأم والطفل. بحنانكِ وحليبكِ، تبنين أساساً متيناً لحياة مليئة بالصحة والحب.❤️

المراجع:

اقرأ أيضاً:
الارتجاع الصامت عند الرضع: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

اترك تعليقاً