شلالات الدم: لغز أحمر في القطب الجنوبي
منظر طبيعي ظل محيِّراً لعقول العلماء أكثر من 100 سنة
تخيل معي هذا المشهد الساحر الذي يتحدى العقل ويثير العواطف: شلال يتدفق من جرف صخري شامخ، ولكن ليس بمياهه الزرقاء العادية التي اعتدنا عليها، بل بمياه بلون الدم الأحمر القاني! نعم، هل يمكنك تصديق ذلك؟! هذا ليس مشهداً من فيلم خيالي أو قصة أسطورية، بل هو واقع حقيقي في قلب القارة القطبية الجنوبية، حيث تتجلى شلالات الدم المذهلة.
هذه الظاهرة الطبيعية الغامضة تثير الدهشة والذهول، وتترك العلماء في حيرة من أمرهم. كيف يمكن لمياه الشلال أن تكون بهذا اللون الغريب؟! لقد كانت هذه الظاهرة لغزاً محيراً لسنوات طويلة، وكلما اقترب العلماء من فك رموزها، زادت دهشتهم وتعجبهم من روعة هذا الكون وأسراره. إن شلالات الدم ليست مجرد مشهد طبيعي، بل هي إحدى عجائب الطبيعة التي تأخذنا في رحلة إلى حدود المعرفة والعجب.
تقع شلالات الدم في منطقة “وادي تايلور” الجليدية، حيثما يعد منطقة صحراوية شديدة البرودة تقع على بعد 48 كيلومتراً من محطة “مكموردو” للأبحاث الأمريكية. كما يتدفق الشلال من جرف جليدي ضخم يصل ارتفاعه إلى 40 متراً، وتصب مياهه الحمراء القاتمة في بحيرة “بوني” المالحة.
تاريخ اكتشاف شلالات الدم في انتاركتيكا
تم اكتشاف الظاهرة إلا في عام 1911، عندما لاحظها عالم الجيولوجيا “غريفيث تايلور” أثناء رحلة استكشافية إلى القارة القطبية الجنوبية، وبالطبع قد أثار لون المياه الأحمر الفاقع دهشته واستغرابه، لاسيما وأن المنطقة المحيطة بالشلال لا توجد بها أي صخور أو معادن حمراء اللون.
في الحقيقة، استغرق الأمر عقوداً من البحث والدراسة لفهم أسباب هذه الظاهرة الغريبة.
وأخيراً، في عام 2009، تمكن فريق من العلماء بقيادة “جيل ميكوكي” من جامعة “ييل” الأمريكية من الوصول إلى مصدر المياه الحمراء.
شلالات الدم لماذا تكونت بشكل الدم؟
- اكتشف العلماء أن المياه الحمراء تتدفق من بحيرة تحت جليدية مخفية تحت طبقة جليدية سميكة تصل إلى 400 متر.
- هذه البحيرة غنية بأملاح الحديد، والتي تتأكسد عند تعرضها للأكسجين وتتحول إلى لون أحمر صدئ.
- تتدفق مياه البحيرة تحت الجليدية من خلال شقوق صغيرة في الصخور، وتخرج إلى السطح لتشكل شلالات الدم.
- علاوة على ذلك، تشير الدراسات إلى أن عمر هذه البحيرة يبلغ حوالي 1.5 مليون سنة، وأنها تحتوي على نظام بيئي فريد من نوعه يتكيف مع الظروف القاسية في القارة القطبية الجنوبية.
- شلالات الدم هي ظاهرة طبيعية فريدة من نوعها، وتعتبر دليلاً على تنوع البيئات وتكيف الكائنات الحية في القارة القطبية الجنوبية.
- بالإضافة إلى أن ألهمت هذه الظاهرة العديد من الباحثين والعلماء لدراسة البيئات القاسية وفهم التحديات التي تواجه الكائنات الحية في هذه المناطق.
حقائق مثيرة عن الشلالات
- يبلغ طول شلالات الدم حوالي 10 أمتار وعرضها حوالي 5 أمتار.
- تتدفق المياه من الشلال بمعدل 1 إلى 5 لترات في الثانية.
- تعتبر هذه الشلالات من أكثر الأماكن ملوحة في القارة القطبية الجنوبية.
- تم اكتشاف أنواع جديدة من البكتيريا في مياه الشلالات، والتي تتكيف مع الظروف القاسية في القارة القطبية الجنوبية.
- شلالات الدم هي وجهة سياحية شهيرة للباحثين والعلماء والسياح المغامرين.
أنواع البكتيريا المكتشفة في مياه شلالات الدم
تم اكتشاف أنواع جديدة من البكتيريا في مياه شلالات الدم، والتي تتكيف مع الظروف القاسية في القارة القطبية الجنوبية؛ وتشمل هذه الأنواع:
- بكتيريا “ديسولفو سبيراً: وهي بكتيريا كبريتية مختزلة، حيثما تعيش في بيئات غنية بالكبريت.
- بكتيريا “فريغوريباسيليوم ساكاروهيدراتيكوم”: وهي بكتيريا متحللة، يمكنها تحليل السكريات في درجات حرارة منخفضة.
- بكتيريا “ديسولفو فيبريو”: وهي بكتيريا كبريتية مختزلة، وبالتالي يمكنها استخدام الحديد كمصدر للطاقة.
تتميز هذه البكتيريا بقدرتها على التكيف مع الظروف القاسية في القارة القطبية الجنوبية، بما في ذلك البرودة الشديدة، ومحدودية الضوء، وارتفاع تركيز الأملاح. وتلعب هذه البكتيريا دوراً مهماً في دورة الكربون والكبريت في هذه البيئات.
تأثير البكتيريا على النظام البيئي
تلعب البكتيريا المكتشفة في مياه شلالات الدم دوراً مهماً في النظام البيئي لهذه المنطقة الفريدة؛ وتشمل تأثيراتها ما يلي:
- دورة الكربون: تقوم بعض البكتيريا، مثل “ديسولفو سبيراً، بتحليل المواد العضوية وإنتاج غاز الميثان، مما يساهم في دورة الكربون في هذه البيئة.
- دورة الكبريت: تقوم البكتيريا الكبريتية، مثل “ديسولفو سبيراً و”ديسولفو فيبريو”، بتحويل الكبريتات إلى كبريتيد الهيدروجين، مما يؤثر على توازن الكبريت في النظام البيئي.
- تحلل المواد العضوية: تقوم البكتيريا المتحللة، مثل “فريغوريباسيليوم ساكاروهيدراتيكوم”، بتحليل المواد العضوية في مياه الشلال، مما يوفر مصدراً للطاقة للكائنات الحية الأخرى.
- تكيف مع الظروف القاسية: تتميز البكتيريا المكتشفة في شلالات الدم بقدرتها على التكيف مع الظروف القاسية، مثل البرودة الشديدة، ومحدودية الضوء، وارتفاع تركيز الأملاح.
- وبناء على ذلك تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على التوازن البيئي في هذه البيئة.
ما هي أرض فكتوريا
هي منطقة واسعة تقع في القارة القطبية الجنوبية
حيث تقع بين بحر روس وبحر سوموف، وتبلغ مساحتها حوالي 450,000 كيلومتر مربع، أي ما يعادل حجم إسبانيا تقريباً.
- تقع شلالات الدم داخل أرض فكتوريا، مما يعني أنها جزء من هذه المنطقة الجغرافية.
- يتدفق نهر جليدي من هضبة أرض فكتوريا إلى شلالات الدم، مما يوفر مصدر المياه للشلالات.
- تلعب الظروف القاسية في أرض فكتوريا دورًا في تكوين شلالات الدم، حيث تساعد درجات الحرارة المنخفضة على حفظ المياه في حالة سائلة تحت الجليد.
تاريخ أرض فكتوريا
- اكتشفها الكابتن جيمس كلارك روس في عام 1841.
- سميت على اسم الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا العظمى.
- كانت أرض فكتوريا أول منطقة في القارة القطبية الجنوبية يتم استكشافها بشكل شامل.
جغرافية أرض فكتوريا
- من ناحية آخرى، تتكون أرض فكتوريا بشكل أساسي من هضبة جليدية عالية، يبلغ متوسط ارتفاعها حوالي 2000 متر فوق مستوى سطح البحر.
- يوجد العديد من الجبال في أرض فكتوريا، بما في ذلك جبل إريبوس، وهو بركان نشط.
- يوجد أيضًا العديد من الأنهار الجليدية في أرض فكتوريا، بما في ذلك نهر بيردمور ونهر تاسمان.
المناخ في أرض فكتوريا:
- بصفة عامة، مناخ أرض فكتوريا قاسي للغاية، مع درجات حرارة منخفضة جداً ورياح قوية.
- متوسط درجة الحرارة في فصل الشتاء حوالي -50 درجة مئوية، بينما متوسط درجة الحرارة في فصل الصيف حوالي -10 درجات مئوية.
- هطول الأمطار في أرض فكتوريا منخفض جدًا، ويأتي على شكل ثلج في الغالب.
الحياة البرية في أرض فكتوريا:
- على الرغم من الظروف القاسية، يوجد بعض أشكال الحياة في أرض فكتوريا، بما في ذلك البطاريق وأختام الفراء والطيور البحرية.
- تعيش أيضاً بعض أنواع الطحالب والنباتات في المناطق الساحلية.
- في النهاية، تعد أرض فكتوريا وشلالات الدم موقعاً مهماً للبحث العلمي، مع وجود العديد من محطات الأبحاث في المنطقة.
- يركز البحث العلمي في أرض فكتوريا على دراسة المناخ وتغير المناخ والجيولوجيا والبيولوجيا.
في الختام،
تعد شلالات الدم ظاهرة طبيعية فريدة ومذهلة في القارة القطبية الجنوبية، إذ إنها توفر لنا لمحة عن عالم غامض تحت الجليد. حيث تعيش الكائنات الحية في ظروف قاسية للغاية. ومع ذلك، فإن التغير المناخي يهدد هذا النظام البيئي الفريد، مما يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات لحمايته.
من خلال دراسة شلالات الدم، يمكننا فهم المزيد عن التكيف البيئي وتأثير التغير المناخي على الكائنات الحية. كما يمكننا أن نستلهم من قدرة هذه الكائنات على البقاء في ظروف قاسية، وأن نعمل على حماية البيئة للأجيال القادمة.
أقرا أيضاً :