الاكتئاب الموسمي: هل يؤثر تغير الفصول على حالتنا المزاجية؟

ما هو الاكتئاب الموسمي؟

من أيام قليلة، عاصرنا انتهاء فصل الشتاء وبداية الربيع. ربما لاحظت الجدل المتكرر على وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الأوقات، حيث ينقسم البعض بين محبي الصيف، ومحبي الشتاء. لدى كل فريق أسبابه! فمحبي الصيف يدعون أن الشتاء يصيبهم بالكآبة. بينما محبي الشتاء، يدعون أن الصيف يجعلهم سريعي الغضب، ويعكر من حالتهم المزاجية. ترتبط هذه الحالات بمصطلح الاكتئاب الموسمي، نسبة إلى تغير الفصول، واضطراب الحالة المزاجية في نفس الوقت كل سنة. فهل هذا حقيقي؟ في هذا المقال سنعرف أكثر عن هذا الاضطراب.

هو نوع من أنواع الاكتئاب يحدث عادة وقت تغير الفصول، والاسم المتداول له هو اكتئاب الشتاء. وربما ارتبط في أذهان الناس بالشتاء فقط، نظرًا لشيوعه في هذا الوقت من السنة عن بقية الفصول الأخرى. لكن، ما يجهله البعض، أن الاكتئاب الموسمي يحدث بعد تغير الفصول، وقد يأتي في الصيف أيضًا.

موعد الاكتئاب الموسمي:

  • الاكتئاب الشتوي: يبدأ في أواخر فصل الخريف، ويستمر في الأشهر الأولى من فصل الشتاء. عند قدوم الربيع يزول الشعور الحاد بسوء الحالة المزاجية، ويظهر تحسنًا ملحوظًا.
  • الاكتئاب الصيفي: يبدأ في أواخر فصل الربيع، ويستمر في الأشهر الأولى من فصل الصيف. ويلاحظ الفرد تحسنًا في حالته المزاجية بانتهاء الصيف وحلول الخريف.

أجل، في بعض الحالات، ترتبط الحالة المزاجية بتغير الفصول. سنحاول توضيح الأمر في النقاط التالية:

  1. تغير الحالة المزاجية حسب فصول السنة يعرف علميًا باسم (الاضطرابات العاطفية الموسمية- Seasonal Affective Disorder)، والاكتئاب الموسمي أحد هذه الاضطرابات.
  2. تزداد فرص الإصابة بهذا الاضطراب مع التقدم في السن.
  3. يؤثر الاضطراب العاطفي الموسمي على النساء أكثر من الرجال.
  4. يعد المرضى المصابون باضطراب ثنائي القطب أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي. حيث يعاني المرضى من المرور بانتكاسة (نوبة أخرى من المرض) في وقت محدد من السنة، وتأتيهم النوبات بصورة موسمية.
  5. تزداد فرص الإصابة بالاكتئاب الموسمي كلما بعدنا عن خط الاستواء. لذلك، نرى أكثر الحالات في المناطق الباردة وفي الدول التي تتميز بقصر النهار مثل البلاد الإسكندنافية (النرويج، السويد).

في البداية، يجب التأكد من عدم وجود أي مشكلة صحية أخرى. قد تسبب بعض الأمراض مثل (مرض القلب، اضطراب هرمونات الغدة الدرقية) أعراضًا اكتئابية، وحينها، لا يكون تغير الفصول هو السبب في سوء الحالة المزاجية. قد تشير الأعراض الآتية إلى احتمالية الإصابة بالاكتئاب الموسمي:

  1. النوم لفترات طويلة (أكثر من المعتاد).
  2. الشعور بالنعاس أثناء النهار.
  3. اللامبالاة وفقدان الاهتمام بالأشياء المفضلة والأحداث.
  4. فقدان القدرة على الاستمتاع بالهوايات أو الأنشطة اليومية.
  5. التوتر والقلق.
  6. الإرهاق السريع والشعور بالتعب أكثر الوقت ومن أقل مجهود.
  7. الخمول والكسل وزيادة الوزن.
  8. زيادة الشهية وتناول الطعام بكثرة خصوصا السكريات والنشويات.
  9. قلة التركيز.
  10. الصداع المتكرر.

أعراض الاكتئاب الموسمي المرتبط بفصل الصيف:

عادة ما ترتبط أعراضه بنوبات الهوس لدى مرضى اضطراب ثنائي القطب

  • صعوبة النوم (الأرق).
  • فرط الحركة وزيادة النشاط.
  • القلق والهياج.
  • الاندفاعية.
  • سهولة الاستثارة.
  • نقص الوزن.

تتشابه هذه الأعراض مع الكثير من الاضطرابات النفسية الأخرى، وقد تكون أعراضًا لمشاكل صحية. لذلك، يفضل دائمًا استشارة الطبيب، ولا مانع من زيارة الطبيب النفسي إذا لزم الأمر.

لا يوجد سبب محدد للإصابة بالاكتئاب الموسمي، ليس هناك سوى بعض النظريات التي تحاول تفسير الإصابة به. تركز أغلب النظريات على الضوء ومستويات الهرمونات في الجسم، والتي تتأثر بمدى تعرض الانسان لأشعة الشمس.

  • على سبيل المثال، في فصل الشتاء يقصر النهار، ويطول الليل. كما أن نهار الشتاء يكون غائمًا في أغلب الأوقات، وهذا يعني تعرض أقل لأشعة الشمس.
  • بداية من الغروب، يبدأ الجسم في إفراز هرمون الميلاتونين. وفي ليالي الشتاء الطويلة، يزداد إفراز الميلاتونين.
  • تشير الدراسات إلى أن المصابين بالاكتئاب الموسمي يعانون أيضًا من نقص مستويات هرمون السيرتونين (هرمون السعادة) في المخ.
  • ترجح بعض النظريات أن نقص مستويات فيتامين دال (Vit D) قد يكون أحد العوامل المساعدة في الإصابة بهذا الاضطراب. لكن، يرجع هذا السبب أيضًا إلى قلة التعرض لأشعة الشمس، حيث أنها أحد مصادر فيتامين د.

كما ذكرنا سابقًا، فالاكتئاب الموسمي نوع من أنواع الاكتئاب. ولاحظنا في الأعراض أنها تتشابه مع الاضطرابات النفسية وأنواع الاكتئاب الأخرى. لذلك، في حالة تطور الحالة بشكل سيئ، وملاحظة آثار خطيرة على جوانب حياتنا، يجب زيارة الطبيب النفسي على الفور. يمكن وصف هذه المضاعفات كما يلي:

  1. الانعزال وفقدان الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية.
  2. التأخر في الدراسة.
  3. مشاكل في العمل.
  4. الرغبة في الانتحار والتفكير في خطط للقيام بالأمر.
  5. الميل لتناول العقاقير وسوء استخدامها.
  6. الإصابة بمشاكل صحية أو نفسية أخرى.
  • العلاج بالضوء: يتضمن استخدام مصابيح ضوء السطوع العالي (مصابيح الضوء الساطع) لتعويض نقص الإضاءة الطبيعية في الأيام الشتوية. يتم توجيه الضوء الساطع نحو العينين لزيادة الإشراق وتحفيز الهرمونات المرتبطة بالمزاج الجيد.
  • العلاج الدوائي: قد يوصي الطبيب بتناول مضادات الاكتئاب العامة، مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI)، وذلك لتخفيف الأعراض النفسية المرتبطة بالاكتئاب الموسمي.
  • العلاج النفسي: يمكن أن يكون للعلاج النفسي أثر إيجابي في علاج الاكتئاب الموسمي. يمكن توجيه الشخص للمشورة النفسية، مثل العلاج المعرفي-السلوكي (CBT)، والتي تساعد في تغيير أنماط التفكير السلبي وتطوير استراتيجيات التعامل الإيجابية.
  • الرعاية الذاتية: ينبغي على الشخص الاهتمام بنمط حياة صحي، بما في ذلك ممارسة النشاط البدني بانتظام، وتحسين التغذية السليمة، والحفاظ على نمط نوم منتظم وجيد، والتخفيف من التوتر وممارسة تمارين الاسترخاء.
  • الدعم الاجتماعي: يمكن أن يكون الدعم الاجتماعي مهمًا في التعامل مع الاكتئاب الموسمي. ينبغي للشخص التوجه للأصدقاء والعائلة والبحث عن الدعم العاطفي والاجتماعي منهم. قد يكون من المفيد أيضًا الانضمام إلى مجموعات دعم محلية أو الحصول على مساعدة من محترفي الرعاية الصحية المتخصصين.

الوقاية الاكتئاب الموسمي:

لحسن الحظ، يمكن توقع الاكتئاب الموسمي فهو يرتبط بمواعيد معينة في السنة. وهذا يساعدنا على التفكير في طرق الوقاية. يمكن حماية أنفسنا من التغيرات المزاجية الحادة وقت تغير الفصول عن طريق التعرض لضوء الشمس (وقت الشروق، أو قبل الغروب بفترة بسيطة)، ومحاولة اتباع أساليب صحية مثل ممارسة الرياضة، والنوم لفترات كافية، وتناول طعام صحي ومفيد. والأهم من هذا، هو طلب المساعدة والالتزام بالعلاج في حالة الإصابة بالاكتئاب الموسمي.

Menna Alaa

طبيبة نفسية وكاتبة محتوى.
زر الذهاب إلى الأعلى